wrapper

الخميس 25 أبريل 2024

مختصرات :

*بقلم: عبد الكريم ساورة


‎كنت نشرت مقالا منذ مايقارب ثماني سنوات  بإحدى المواقع الأكثر مقروئية بالمغرب ، بعنوان الدولة البوليسية بالمغرب، وإذا بأحد المعلقين وهوباحث يقيم بسويسرا كتب تعليقا طويلا باللغة الفرنسية، مفنذا ماقلته ، وقال موضحا:

" كل ما قُلْتَهُ بخصوص التجاوزات ويقصد ماكتبته فهو صحيح، فيما يتعلق بالخروقات الحقوقية، على مستوى التدخلات العنيفة لرجال الأمن في العديد من الوقفات الاحتجاجية، وأضاف قائلا : يمكن أن أبصم لك بالأربع أن الدولة غير ديمقراطية ولا تحترم القانون، لكن فيما يتعلق بأن الدولة بوليسية في المغرب فهذا ليس صحيحا بالمرة، لأن الدولة البوليسية ينطبق على دول مثل  المانيا وايطاليا والولايات المتحدة الأمريكية لأن البوليس بهذه الدول وغيرها يستعلمون المسدس في عملية الفصل في العديد من التدخلات، بمعني أن عنصر التصفية يتم بواسطة رصاصات المسدس، وهذا لايستعمل بالمغرب بالمرة...."
‎بصراحة " اقتنعت " حينذاك بمرافعة الأخ المعلق، وقبلت باستنتاجاته على  مضض، هاهي السنين مرت، والدولة لم تغير من طريقتها في التعامل القاسي مع كل المحتجين، فهي حاولت أن تؤسس مجموعة من المؤسسات التي تدافع عن منظومة حقوق الإنسان، واستعملت العديد من المناضلين اليساريين في من اجل إخراج  المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهيأة الإنصاف والمصالحة، وهل فعلا تحققت المصالحة بين الدولة والمجتمع ؟
‎بصراحة من خلال ماتقوم به الدولة هذه الأيام من تدخل عنيف في كل وقفة احتجاجية بالمملكة، بتبرير أنها لاتتوفرعلى ترخيص أو ستضر هذه الوقفات بقلب الدولة المريض، فهي لاتريد أن تتصالح مع أحد، ولا تريد أن تطوي الصفحة بصفة نهائية .
‎الوقفة الاحتجاجية التي  نظمت لمساندة  نساء معتقلات الريف، والتي تعرضت لقصف كبير من طرف رجال الأمن وتم الاعتداء فيها على رموز ثقافية وحقوقية وعلمية ، هل يعقل أن تصل الدولة إلى هذا المنحدر الأخلاقي حتى تضرب مناضلين من هذه الطينة ناهيك عن الاعتداء البين على مصورين صحافيين  كما نقلت الصور الحية، ورغم البيان المحتشم لإدارة الأمن التي تؤكد على تعرض رجالها للإستفزاز، فإن الأمر مهما يكن لايجب أن يصل إلى هذا المستوى الذي سوف يضر بصورة الدولة لا محالة .
‎الباحث في التاريخ السياسي المعطي منجب، صرح لموقع لكم 2، أن جهات عليا بالمملكة هي من أعطت الأوامر لقصف كل وقفة احتجاجية تتضامن مع حراك الريف. وإن كان هذا القول  صحيحا، فإنه يبرهن بوضوح أن الدولة تريد أن تعزل حراك الريف، عن باقي الاحتجاجات الأخرى حتى يسهل عليها الأمر في إرهاقه ويشعر شبابه بالتعب والوحدة  وغياب المساندة  مما سيضطرون معه إلى اختيار الانسحاب  والاستسلام وقبول الأمر الواقع.
‎الدولة الآن انفتحت شهيتها على استخدام العنف، إلى لغة العصا في كل تدخلاتها التي ترى فيها أنها سوف تسترجع حقا ضاع منها أيام الربيع العربي، الدولة الآن بوليسية بامتياز، ليس لانها لاتستعمل المسدس من أجل تصفية "المعتدين" على هبتها كما عرفها صاحبنا المعلق، بل لأنها أصبحت كل تدخلاتها مشوبة بالعنف وغياب الحوار وضرب حق دستوري بامتياز وهو حرية التعبير.
‎المقاربة الأمنية أصبحت هي الأصل في كل تدخل وليس الاستثناء، العنف المشروع هو واحد من أهم المرتكزات التي تعتمدها الدول للحفاظ على سلامة ترابها ومواطنيها، وتلجأ لها كل دولة في الوقت المناسب من جل الحفاظ على استقرارها وسلامتها، لا أن تحوله الدولة إلى سيف على رقبة الجمعيات الحقوقية والأحزاب والأشخاص المعارضين، وسائل الدولة المادية يجب أن تكون أدوات في خدمة المجتمع لا في ترهيبه.
‎بالمقابل هناك جانب من الجمهور الذي يؤكد على ضرورة تدخل الدول بقوة وحزم وأن هناك فئات تستغل تساهل الدولة في الشق الحقوقي لضرب استقرار المغرب وإثارة الفتنة والقلاقل، فلهذا فالوقت عصيب ويتطلب منا جميعا أن نفوض للدولة كل الصلاحيات للتدخل وقت ماتشاء وكيف ماتشاء لانها هي أعرف بالأسرار الأمنية وبالجهات المحرضة، وهي مهما كان تدخلها وحتى ولو كان متجاوزا للقانون ، ففيه حماية لترابنا وسلامة لأنفسنا وأبنائنا، وهو تدخل في نهاية المطاف لمصلحة وطننا. لكن يبقى السؤال : ألا يمكن استغلال الدفاع عن مصلحة الوطن وحمايته من طرف بعض الجهات لتصفية كل جهة منتقدة لسياستهم ؟ وماهي الفائدة من القضاء إذا لم يكن يلعب دوره الحقيقي في هذا الاتجاه ؟
‎يبقى سؤال جوهري يجب أن تجيب عنه الدولة بوضوح وهو: ماذا حققت الدولة خلال كل هذه الفترات السابقة في التعاطي مع كل الاحتجاجات بمزيد منسوب العنف ؟ هل تراجعت الاحتجاجات أم أزدادت رقعتها ؟ ولماذا كلما استعملت الدولة العنف تزداد حدة الشعارات بقوة ؟ لماذا ترفع في بعض الأحيان الشعب يريد إسقاط النظام ؟ ولماذا أصبح شباب المغرب يرفع شعار " عاش الشعب  ؟
‎استقرار المغرب لايمكن الحفاظ عليه بعودة الأجهزة البوليسية إلى الواجهة، إلى الاصطدام مع مواطنين يطالبون بحرية التعبير ، ولكن يتحقق بالإنصات إلى مطالبهم بتحقيق ديمقراطية حقيقية، وبتنمية ترد لكل المغاربة كرامتهم.
‎*كاتب وإعلامي مغربي

آخر تعديل على الأربعاء, 12 تموز/يوليو 2017

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :