wrapper

الجمعة 19 أبريل 2024

مختصرات :

*بقلم: د.كفاح جرار| الجزائر


هل سمعتم عن حرارة ديسمبر وبرودة شهر أوت؟.
كان ديسمبر حارا في ستالينغراد وبارد جدا في المحيط الهادئ الذي لم يعرف الهدوء يومها ولا الاستقرار، وإنما عاثت فيه أيادي الشمس الحمراء خرابا ودمارا وقتلا ونهبا، وأما عن مناسبة هذا الحديث، فهي الذكرى الثانية والسبعين لمأساة مدينتي هيروشيما وناغازاكي،

وبالتحديد الثانية التي ذاقت وبال أمرها وكان عاقبتها التدمير نوويا.
الجاهل الغافل من يظن أن السلاح النووي صنع لكي يوضع في المتاحف أو للتباهي، أو يضبعون به الغير، وإنما صنع السلاح النووي لكي يستعمل ويقتل ويدمر، وهذا الذي كان أيام الحرب الثانية التي بدأت برصاصة اغتالت شخصا وانتهت بقنبلة ذرية سحقت شعبا بأسره.
تلك أيام الدول التي بحماقاتها دفعت العالم إلى حرب ذات شر مستطير، كنا نحن فيها وقودا لقتال لا ناقة لنا فيه ولا جمل ولا حتى خروف أو معزة، بمناسبة الحديث عن الأنعام، لاحظوا كم هو لئيم وحقود عدونا الإفرنسي، عندما كنى قيادات ثوراتنا بأسماء الغنم والبقر، فعرفنا بومعزة وبوبغلة..إلأخ وهذه نقيصة وشتيمة ما كان للثوار أن يتسموا بمثل هذه الأسماء، لكن الفرنسي تعمد إطلاق هذه الصفات للحط من شأن ثوارنا، فيقال "انظروا هل سيتمكن بوبغلة من هزيمة الفرنسي؟" وهكذا تبدت النوايا والطوايا الخبيثة، المهم امتدت الحرب العالمية الثانية، التي ذقنا ويلاتها أكثر من غيرنا، على طول المنطقة العربية وخاصة الصحراء العربية الإفريقية من العلمين والصحراء الغربية، إلى موريتانيا وطنجة، ولمع نجم ثعلب الصحراء رومل الذي افترسه وقضى عليه اللورد مونتغمري.
إذن للناس أن يحتفلوا بذكرى مآسيهم وأفراحهم وما قدمته أيديهم، ولكن الاحتفالات بالمصائب تختلف عنها في الأفراح والمسرات، الأولى لا تعني أبدا أن هؤلاء من المظلومين المضطهدين المسحوقين، فليس لستالين أي فضل على هتلر، وليس هو أخير عنه بكثير، كما أن ديغول لا يتفوق على عدوه الدوتشي موسوليني، فكلاهما له الباع الطويل في الجريمة، وإنما البطولات والحقارات تكتبها الشعوب الغالبة والأمم القوية.
وأما قضايا الحق، فقد تكفل الحق جل شأنه ببيانها.
ولأن أيام الأسى يصعب نسيانها ومحوها، مثل أيام الفرح التي سريعا ما تخبو وتتبخر، وتلك من مفاقات أحداث حيوات البشر، بالأمس، احتشد آلاف الأشخاص، في ناغازاكي للاحتفاء بذكرى الهجوم النووي الذي أباد هذه المدينة غربي اليابان وأودى بحياة 74 ألف شخص قبل 72 عاما، وذلك بعد 3 أيام على قنبلة هيروشيما.
في التاسع من أوت 1945 عند الساعة 11:02 دمر الانفجار النووي 80 بالمئة من مباني ناغازاكي ومن بينها كاتدرائية يوراكامي الشهيرة، التي كانت تبعد 500 متر عن مكان سقوط القنبلة.
وفي نفس الوقت تماما، (2:02 توقيت غرينيتش) وقف سكان المدينة دقيقة صمت، على أن تقرع الأجراس وصفارات الإنذار في كل ناغازاكي.
وكان من المقرر أن يتم إلقاء القنبلة النووية، التي عرفت باسم "فات مان" (الرجل البدين) على مدينة كوكورا (شمال ناغازاكي)، حيث يوجد مصنع كبير للأسلحة، ولكن الشروط المناخية السيئة حملت قائد الطائرة الأميركية بي-29 على تغيير الهدف، لست أدري كيف كان شعور هذا الطيار قبل وبعد إلقاء القنبلة، وبعدها بسنوات أيضا حين ساد السلم العلاقات الأمريكية اليابانية، كيف كان يفكر هذا الرجل، هل حاسب نفسه مثلا، هل كان سعيدا بفعلته أو تملكه تأنيب الضمير؟.
وقبل ذلك بـ3 أيام ألقيت أول قنبلة نووية "ليتل بوي" (الولد الصغير) على مدينة هيروشيما ما أدى إلى سقوط 140 ألف قتيل.
وكان من مفعول هاتين القنبلتين تسريع استسلام اليابان في 15 أوت 1945 وانتهاء الحرب في المحيط الهادئ.
وفي ديسمبر 1967 تعهدت الحكومة اليابانية رسميا بعدم صنع أو امتلاك أو إدخال أي سلاح نووي إلى الأراضي اليابانية، وقد التزمت اليابان بعهدها، بعدما كسرت حدة عامل الطمع والجشع والتوسع في قلوب أبنائها، فصار علمهم أبيض تتوسطه شمس الشرق الدافئة، بعدما كان علما فاشيا بامتياز، وتلك من أعمال البشر التي علينا نحن أكثر من غيرنا أن نقرأها ونتعظ بها.
ويبقى السؤال: هل تجدد الأحداث نفسها، فنعيش حربا نووية جديدة، من المؤكد أنها لن تبقي شيئا يستحق، والحكماء وحدهم من يرفضون ذلك ويرفضون تخيله، لأن مالك السلاح النووي يفقد السيطرة عليه تماما ونهائيا بمجرد إطلاقه، أي هو سلاح القتل بأتم معنى الكلمة.

 

آخر تعديل على الثلاثاء, 15 آب/أغسطس 2017

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :