wrapper

الأحد 28 أبريل 2024

مختصرات :

قراءة : عبدالعال الشربيني / مصر

 

نغم: 
عزفت على وتر الحقيقة؛ زهدوا في سماع لحنها.
القاصة / الأستاذة / خلود أوس (Khlood Aws) / سوريا

 


_____ نص القراءة النقدية: 
نغم 
عزفت على وتر الحقيقة؛ زهدوا في سماع لحنها.
عندما أطلعت على تلك الومضة أثارت فى نفسى شجون ، حيث أتت بديدن متكرر منذ القدم ، فى كلّ العصور وكلّ المجتمعات ، طالما كان للإنسان هوى متبع ، وتحدثت عن أُناس وصفهم الله سبحانّه فى أكثر من موضع فى قرآنه الكريم ، وقرر مثلآ أنهم " أضلّ من الأنعام " والتى رفضت تحمّل الأمانة التى حملّها الإنسان وفضلت أن تُسخّر بدلا من أن تكون من الذين نعتهم سبحانه أيضا " إنّه كان ظلوماً جهولا ".
وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ " آية 179 سورة الأعراف".
العجيب فى الأمر أن تلك الكثرة من الزاهدين فى سماع الحقيقة غالبا ما يكونوا ربما من أصحاب الرأى أو أصحاب الرياسة بين القوم وقادة الفكر ممن يؤثرّون فى الرأى العام فيضلّلون القطيع ـ عن قصد ـ ويسوقونّه إلى اتجاهات قد تكون ضد مصالح العامة ولصالح أغراض وقتية فى نفوسهم أو لخدمة من وظفهم من ديكتاتور أو من على شاكلته ليسوس أولئك المضللين كما يشاء،
ولشيوع تلك الظاهرة وليس ندرتها أرانى قلت فى أمثال هؤلاء يوما قصيدة أسميتها " خائن تحت الطلب" نصها هو :
قلمً رأيتَه فى دواةِ
يكتبُ لمنْ دفعَ الثمن
والكلُّ يُملِيهِ هواهُ
لو حتى عن بيعِ الوطن
فى كلِّ لونّ قد تراهُ
وإن كان للّونِ به عمًى
رأى المدائنَ أتونَ نارٍ
واستوطنَ الأهلُ الخيم
مدحَ الذى هدمَ البيوتَ
وأعانَ على قتلِ الأمل
ما كتبَ أبداً لحياةِ روح
وما أعانَ يوماً على شَمَم
إن جاءَ حقٌ وانْبَرَى
غطّى العيونَ وافتعلَ الصمم
قد كان أحرّى به كضاضِ
أن يشرَعَ الأقلام جنداً للوطن
لكنّهُ خانَّ العُهُودَ وَبَاعَ نفسهِ
بئسَ الظَهِيرُ بل إنّهُ بئسَ القلم.
___
وبالرجوع لنص الومضة نجد :
العنوان : نغم
والنَّغَمُ : هو التطريبُ فى الغناء وحسن الصّوت فى القراءة . 
نجده قد أتى أسم نكرة يفيد العموم ، غير كاشف لمضمون الومضة ، بل يفيد تهيئة السامع لاستقبال ما يُطرب النفس لما فيه من تناغم وتوافق .
الشطر الأول من المتن : عزفت على وتر الحقيقة .. وفيها من الأستعارة الجميلة التى جعلت من الحقيقة آلة يعزف على أوتارها فتصدح بأنغام تطرب من تطرب ، فتريح نفسه وتثلج صدره وتطلعه على تفاصيل الحق فى ذبذباتها فتثرى وجدانه السليم الفطرة المستشرف للمعرفة الحقة بلا تزوير أو تزييف ، 
لكن يصدمنا الشطر الثانى للمتن حيث جاء فيه : زهدوا في سماع لحنها .. فأتى بما لا يتوقعه أصحاب الفطرة السليمة وذوو الألباب المستنيرة الذين يعلمون أن " الحقّ أحقّ بأن يتبع" ، فأظهرت أنّ هؤلاء قد زهدوا فى سماع لحنها الذى تسرى فيه أنغام الحقيقة التى هم لها كارهون لأسبابهم والتى أسلفت بعضها .
الومضة بوجه عام توفر فيها الشكل العام الذى تعارفنا عليه لذلك الجنس من الأدب ، من عنوان ليس جزءاً من نسيج متنها و نكرة يفيد العموم ويُتخذ عتبة للنص نؤول متنها على ضوئه لترسو أفكارنا على هديه ونحن نستقرأ مضمون هذا المتن.
كما جاء المتن على شطرين كان الشطر الثانى منهما نتيجة للشطر الأول والذى لم تدهشنا المفارقة فيه بصورة مباشرة كما أراد كاتبها كفعل ورد فعل حيث أن رد الفعل فيها متكرر أمام أعيننا جميعا كما أسلفت فى كل الأماكن والمجتمعات وعلى مدار الآزمان .
إذن مما نشأت المفارقة ؟
فى اعتقادى نشأت المفارقة من سلوك هذا البعض الرافض للحق فى زمننا هذا ، والذى أصبحت فيه الحقائق متاحة للكل وتحت أعين الجميع ـ خصوصا لمن أراد الوصول اليها عندما تخلص النوايا وتصح الفطرة ـ فهى ملقاة على أرصفة الأنترنت لمن شاء أن يلتقطها ، ومرايا الفضائيات المصقولة والتى استعبدت عقولنا وأعيينا ، حتى وإن قام البعض منها بغسل أدمغتنا ، فقد نجد أخريات تطرح الحقيقة عارية بلا رتوش لتضارب المصالح بينهم ،
وقد تعجبت يوما فى هذا المجال وقلت :
"وصل الأمر ببعضهم كما يقول القرآن الكريم أنهم قالوا :
" وإذ قالوا اللّهمّ إن كان هذا هو الحقَّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم ".....
" الاية 32 سورة الأنفال " 
ولم يقولوا فاهدنا إليه !! رغم أن الحقّ قد يكون واضحا كلّ الوضوح وتتوالى الأدلة البينة عليه يوما بعد يوم ،
كانت تقرع ذهنى هذه الأية كلما مررت بها وأتعجب كيف كان هؤلاء القوم يفكرون وهل وصل بهم الغباء لهذا الحد ، وشاء الله أن أُعايش واقعنا الأن والذى فيه من هم أعجب منهم ، من المثقفين والعامه . 
هدانا الله للحق وألهمّنا اتباعه.

*****

آخر تعديل على الخميس, 17 آب/أغسطس 2017
المزيد في هذه الفئة : « ‎لا شيء يهم... أتساءل... »

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :