wrapper

السبت 04 ماي 2024

مختصرات :

 بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

لا أقف ضد الطبيعة وقوانينها، ولا أتعارض مع سنن الكون ونواميس الحياة، ولا أنكر التطورات الحادثة والمتغيرات الكونية، ولا أنفي الأسباب ونتائجها، ولا أعطل منطق المقدمات وحتمية النتائج، ولا أغمض عيني عن الحقائق ولا أغض الطرف عن الوقائع، ولا أتنكب للعلم وألوذ إلى الشعوذة والسحر والدجل والجهل، بل أؤمن بالله عز وجل الخالق المدبر لشؤون الحياة، الذي قدر الموت والحياة، وكتب الصحة والمرض، والعافية والسقم، والغنى والفقر، وأنزل الداء وأوجد الدواء، وخلق السعادة والشقاء، وقدس النور والعلم وأقسم بالحرف والقلم، وعلم الإنسان ما لم يعلم، ودعاه لأن يتعلم وأن ينفر ليتثقف، ليواجه الحياة ويتغلب على صعابها وينتصر على تحدياتها، ولا يقف عاجزاً أمام مستجداتها، أو ضعيفاً في مواجهة تطوراتها.


أعترف بالأوبئة والكوارث، وأسلم بالبراكين والزلازل، وأخشى الطوفان وأتحسب من العواصف، وأدعو الله عز وجل مع البرق والرعد وعند نزول المطر بأن يكون حوالينا لا علينا، وأن يكون غيثاً وسقيا رحمة وليس عذاباً وسيول نقمة، وأستذكر سنوات الطاعون والكوليرا، وأوبئة السل والتيفوئيد، ولا أنسى أجيال الانفلونزا وأشكالها، وكل أنواع الأمراض التي صنفها العلماء أوبئة عالمية، واعتبروها كوارث إنسانية، ووقف العالم كله في مواجهتها والتصدي لها، حتى تمكن من القضاء والانتصار عليها، بفضل جهود علماء وأطباء دفع بعضهم حياته ثمناً لها، خلال سعيهم للسيطرة عليها وابتكار الدواء المناسب لها.
لكنني اليوم أقف أمام "كورونا" محتاراً، وهو المرض الجديد الذي اجتاح العالم وغزا الكون كله، وأنظر إليها بعين الريبة والشك، وهي التي جاءت بعد سنواتٍ من انفلونزا الخنازير وجنون البقر وسارس، وغيرها من الأمراض والأوبئة التي أصابت العالم كله بالذعر والخوف، وألجأته إلى اتخاذ إجراءاتٍ شديدةٍ من الحيطة والحذر، واعتماد سبل وقايةٍ علميةٍ ووسائل حمايةٍ كبيرة، مكنته من السيطرة عليها رغم خطورتها، والانتصار عليها رغم سرعة انتشارها وشدة آثارها.
أتساءل بمنطقيةٍ وعقلٍ عن أسباب انتشار أو انطلاق هذا المرض من الصين وانتقاله السريع إلى إيران، قبل تفشيه في كوريا وإيطاليا وغيرهما من الدول، وأكاد أجزم أنه ليس ظاهرةً طبيعيةً، بل هو فعل فاعلٍ وصناعةُ بشرٍ وقرارُ إنسانٍ، وأميل جازماً أنه عدوانٌ أمريكي شائنٌ وصريحٌ ضد الصين التي تتحدى الولايات المتحدة الأمريكية اقتصادياً، وتكاد تبزها وتنتصر عليها بنموها الاقتصادي وتطورها التقني والمعلوماتي، وتكاد تغرق الأسواق الأمريكية بمنتجاتها العالية الجودة والرخيصة الثمن، فكان لا بد من مهاجمتها وإضعافها، وإشغالها والسيطرة عليها، لكن دون أسلحةٍ وكلفةٍ ماليةٍ، ودون خسائر ومعارك ودماءٍ وأشلاءٍ، وهو ما تحقق لها نسبياً من خلال هذه المعركة البيولوجية، التي نجحت فيها الإدارة الأمريكية في تخليق فيروسٍ فتاكٍ، يسبب مرضاً عضالاً لا يقوى غير عارفيه على السيطرة عليه والحد منه.
والحال نفسه أراه في استهداف الجمهورية الإسلامية في إيران، فالإدارة الأمريكية تتطلع إلى هزيمتها والانتصار عليها، وتطمح إلى إثارة الفوضى فيها وعدم الاستقرار داخل حدودها، وقد حاولت عبر موجاتٍ من الحراك الشعبي والمظاهرات العنيفة المسيسة، وعملت عسكرياً وأمنياً على استهدافها والنيل منها، واستدراجها والاعتداء عليها، ولكنها فشلت في كل محاولاتها وعجزت عن الحد من قدراتها أو التصدي لمخططاتها والوقوف في وجه مشاريعها، فلجأت إلى إعلان الحرب الصحية عليها، علها تتمكن من فرض المزيد من الحصار والعزلة الدولية عليها، وتكبيدها خسائر مالية كبيرة، وتشويه صورتها ومنع التعامل معها أو التعاون وإياها، وإشغالها بنفسها وهموم شعبها عن اهتماماتها الدولية والإقليمية، ومشاريعها الخارجية وطموحاتها النووية، تمهيداً لجرها إلى طاولة المفاوضات وفرض شروط الاستسلام عليها.
هذه الرؤية التآمرية والسياسة العدوانية الأمريكية ضد شعوب المنطقة عموماً، وضد الصين وإيران خصوصاً، لا تمنعني من اتهام شركات الأدوية العالمية وتبرئتها من هذه الجريمة وغيرها، فشركات الأدوية قد عودتنا على إنتاج أمراضٍ وخلق أوبئةٍ لتسويقِ أدويةٍ معينةٍ، بقصد الإثراء وجمع الأموال وتحقيق الحصرية المطلقة، والتاريخ شاهدٌ على جرائمها النكراء، فهي مثل تجار المخدرات ومروجي عقاقير الموت، الذين يعملون على إغراق الأسواق وتوريط الشعوب بأنواع المخدرات المختلفة، ولا يعنيهم كثيراً موت آلاف البشر من الفقراء والمعوزين، الذين لا يملكون ثمن العقاقير وكلفة العلاج.
سيحتدم الصراع وستشتعل المواجهة في الأيام القليلة القادمة بين شركات الأدوية العالمية التي تتربع على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي هي الشيطان الأكبر والعدو الأول لشعوب المنطقة ومواطني العالم، وبين إرادة الشعوب الحرة وسيادة الدول المستقلة، التي ترفض الخضوع للهمينة الأمريكية، وتصارع من أجل الإفلات من سياساتها العدوانية وشروطها المذلة، ومحاولاتها فرض الاستسلام عليها خدمةً للكيان الصهيوني وتأميناً لوجوده وحفظاً لمصالحه ورعايةً لشؤونه، وستكون هناك منازلة علميةٌ كبيرة وانتصارٌ طبيٌ جديدٌ آخر، وسيزول هذا المرض وستنتهي فصوله، وسينتصر عليه المستضعفون وسيتغلبون عليه، وسيحدون من انتشاره وسيجدون علاجاً ناجعاً له، فإرادة المقاومة لدى مستضعفي العالم أقوى من أمريكا وفيروساتها، وأشد فتكاً بها وبحليفتها من أمراضهما الخبيثة وأدوائهما الخطيرة.
بيروت في28/2/2020

***

روابط لتحميل الملحق الشهري العدد 15 ديسمبر2020
https://pdf.lu/3Rba

https://www.fichier-pdf.fr/2020/02/09/------15-2020/

Fichier PDF ‎⁨ « ملحق الفيصل الشهري العد15جانفي 2020 »⁩.pdf

‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها لنصرة الكلمة الحرة
‎لتحميل الملحق الشهري العدد 15 ديسمبر 2020
‎و مشاركته عبر التويتر أو الرسائل القصيرة هذا الرابط الخاص:
https://pdf.lu/3Rba

‎المسنجر و البريد الإلكتروني و واتس آب استعملوا هذا الرابط :
https://www.fichier-pdf.fr/2020/02/09/------15-2020/

‎لمشاركته على موقع أو مدونة يجب نسخ هذا الرابط و لصقه على محرك البحث:

Pour télécharger le supplément mensuel de "elfaycal.com" numéro 14 en
format PDF, cliquez ou copiez lien au-dessus :
*****
‏: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
@elfaycalnews

: journalelfaycal
‎ـ أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها
www.elfaycal.com
- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des
défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce
lien: :https://www.facebook.com/khelfaoui2/
To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of
freedom of expression and justice click on this
link: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
Ou vous faites un don pour aider notre continuité en allant sur le
site : www.elfaycal.com
Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

آخر تعديل على الأحد, 01 آذار/مارس 2020

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :