wrapper

الأحد 12 ماي 2024

مختصرات :

 مذكرات كاتب فاشل، مؤلف للكاتب عبد الكريم ساورة، هو عبارة عن كتاب يضم تسعة عشر نصا، تنوعت عناوينها واتحدت مضامينها . جميع النصوص كتبت بضمير المتكلم وهي أشبه بسيرة ذاتية، كتبت بأسلوب سلس ينساب إلى وجدان القارئ دون جواز سفر. والعمل شبيه برواية أو بالأحرى مشروع رواية، فكل قصة أو نص ينقلك إلى النص الموالي، وكأنك تتنقل بين فصول رواية.

 

هناك انسجام تام بين العنوان الجامع للكتاب، وباقي النصوص فالخيط الناظم أو تيمة النصوص تدور حول عالم الكتابة بشخوصه وأحداثه. حيث توفق الكاتب وبشكل كبير في تسليط الضوء على مختلف جوانب هذا العالم، بكل تناقضاته ومن بين أبرز المحاور التي تناولها الكتاب:
-عندما يتحدث عن اللقب الذهبي في عالم الأدب يقول الكاتب" تقول باسم الله وتكتب سواء في القصة أو الشعر أهجم على القصيدة بسيفك اللغوي الركيك"
وفي قصتي "الزعيم" و"قلم السلطة"، يشير لقضية تسخير القلم لخدمة ٌأجندة حزب معين.نصوص المؤلف مليئة جدا بالعبارات التي تصب في نفس المعنى، من قبيل"طريق النجاح لا يكون إلا ببيع الكذب على الشعوب". وفي خضم تعرية واقعنا الأدبي يعود بنا عبد الكريم ساورة بنوع من الحنين إلى زمن الأدب القديم وأصحابه، فنجده في نص سيد القوافي يشير إلى قوة القصيدة وقوة تأثيرها سابقا لدرجة نشوب حرب بسبب بيت شعري،واغتيال شاعر لموقف عبر عنه في إحدى قصائده. نفس الفكرة نجدها في نص "جمارك الأدب".ليقوم بطرح أسئلة إشكالية و مفتوحة في نص" العدم" حول جدوى الكتابة في وقتنا الحاضر؟ هل يمكننا الحديث عن مكانة للمثقف؟ وهل يوجد هذا المثقف الذي يؤمن ويدافع عن قضية معينة؟وهل يوجد قارئ يستحق هاته التضحية؟
ليختم الكاتب مؤلفه بنص"المدينة الفضيلة" و هو أشبه بنص تاريخي لمدينة قلعة السراغنة، حيت نجد توظيف لمعلومات تاريخية حول المدينةذكرت فيمصادر تاريخية تعتبر من أمهات الكتب في مجال التاريخ، وكذلك للأحداث التي كانت تعيشها المدينة زمن طفولة الكاتب، الشيء الذي يمكن اعتبار هاته القصة بمثابة نص يؤرخ لمدينة قلعة السراغنة في فترة من فترات تاريخها.ونص بالأبيض و الأسود" الذي يسلط الضوء على طفولة الكاتب،
الكتاب غزير بالعديد من أسماء الأدباء و المفكرين و المؤرخين، وبأحداث ارتبطت بمسارهم العلمي و الشخصي. وهذا إن دل فإنما يدل على ثقافة و اطلاع غزيرين لصاحب الكتاب"عبد الكريم ساورة"،وهنا أستحضر مقولتي" القراءة و الكتابة وجهان لعملة واحدة"و "كلما كنت قارئا جيدا كنت كاتبا جيدا"
من بين الملاحظات التي يمكن تسجيلها حضور الأم القوي في الكتاب، وقوة هذا الحضور ليست كمية بقدر ماهي نوعية، حيت نجدها حاضرة في أصعب اللحظات أو المواقف التي عاشها الكاتب:
- داخل السجن:" تزورني والدتي"
-الخروج من السجن:" لم أجد في انتظاري سوى والدتي"
أمام كيد النساء:" أمي تحكي لي عن عالم النساء"
-أمام غدر الأصدقاء:" أمي حاولت أن تخفف عني"
- في لحظات اليأس"لا يجب أن نستسلم للفراش ونتخذه ملاذنا الأخير"
عندما اطلعت على كتاب مذكرات كاتب فاشل تفاجأت بكل ما للكلمة من معنى و دلالات، من حجم الصدق و التصالح مع الذات الذي لمسته في النصوص، ففي لحظة مكاشفة يقول الكاتب"في نص "الخيانة""كنت أحفظ فقط عناوينها عن ظهر قلب لأتفاخر بها وأهجم بها عند الحاجة". كما نلمس قسوة الكاتب على نفسه وذلك بتحميلها كل أسباب الفشل التي عاشها .وهناك توظيف كبير للأدب الساخرأوالسخرية السوداء في الكتاب" كفاءات في الطاقة العمياء" "أهجم على القصيدة بسيفك اللغوي الركيك".كما نلاحظ حضور الأنثى و تأثيرها في حياة الكاتب في ثلاث محطات بارزة: الأم مصدر للحنان و العطاء، و الأنثى الحبيبة و الكتابة مصدرين للمتعة.ويمكن اعتبار المؤلف تأريخ لفترة تاريخية للصحافة الورقية، وذلك عندما يتحدث الكاتب عن تسخير جريدة أو قلم صحفي لخدمة أجندة حزب معين، والسؤال المطروح هل يمكننا اليوم الحديث عن تأثير الصحافة الورقية في واقعنا أمام انتشار تكنولوجيا المعلوميات و الاتصال؟ .
وفي الختام وددت أن أطرح مجموعة من الأسئلة المفتوحة:
عندما يكون الكاتب أكثر صدقا مع ذاته في حضرة الكتابة، هل هيطقوس الكتابة التي تجردنا من كل أقنعتنا؟ هل هو الإنتصار للذات قبل الآخر أثناء الكتابة؟
فعلا كتاب مغري بالقراءة، لا يشعرك بالملل، منسجم في مواضيعه ،فعندما يكون الكاتب واعيا بالذات الإنسانية بكل تناقضاتها، بضعفها وقوتها و أنانيتها.... فهذا سينعكس بالتأكيد على منتوجه الأدبي وهذا ما لمسته بشكل جلي " فهنيئا لنا جميعا،بهذا المولود الجديد،وهنيئا لخزانة مدينة قلعة السراغنة بهذه الإضافة النوعية.
* هشام الفنكاشي

  ****

 

‎طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصري الكلمة الحرة و العدل:
‏: https://www.facebook.com/khelfaoui2/
‪‪@elfaycalnews‬‬

instagram: journalelfaycal

- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice cliquez sur ce lien:

آخر تعديل على الإثنين, 30 نيسان/أبريل 2018

وسائط

أعمدة الفيصل

  • Prev
19 تشرين1/أكتوير 2023

حولنا

‫"‬ الفيصل‫"‬ ‫:‬ صحيفة دولية مزدوجة اللغة ‫(‬ عربي و فرنسي‫)‬ ‫..‬ وجودها معتمد على تفاعلكم  و تعاطيكم مع المشروع النبيل  في إطار حرية التعبير و تعميم المعلومة‫..‬ لمن يؤمن بمشروع راق و هادف ‫..‬ فنرحبُ بتبرعاتكم لمالية لتكبير و تحسين إمكانيات الصحيفة لتصبح منبرا له مكانته على الساحة الإعلامية‫.‬

‎لكل استفسارتكم و راسلوا الإدارة 

القائمة البريدية

إنضم إلى القائمة البريدية لتستقبل أحدث الأخبار

Faire un don

Vous pouvez aider votre journal et défendre la liberté d'expression, en faisant un don de libre choix: par cartes bancaires ou Paypal, en cliquant sur le lien de votre choix :